الصفحة الرئيسية  أخبار وطنية

أخبار وطنية صفقة تسليم تونس للقيادي في فجر ليبيا وليد القـلـيـب: ضعـف دولـة وهشـاشـة ديبـلـوماسية

نشر في  24 جوان 2015  (11:15)

أثار قرار قبول المطلب المقدم من قبل السلطات الليبية بخصوص القيادي بفجر ليبيا وليد القليب استنكار العديد من الاطراف التي أبدت رفضها المطلق لهذا القرار، خاصّة أنّ التهمة المتوجهة للقليب متعلّقة بالارهاب.
ويذكر أن قرار تسليم القيادي في فجر ليبيا وليد القليب جاء مقابل اطلاق سراح الدبلوماسيين التونسيين بطرابلس، ففي حين رأت بعض الاطراف أن القرار الذي اتخذته الحكومة التونسية صائب وذلك لضمان سلامة الدبلوماسيين،اعتبر آخرون أن رضوخ تونس لابتزاز هذه المجموعات الارهابية هو دليل على ضعف الدولة وهشاشة ديبلوماسيتها، كما أكد آخرون أن قرار دائرة الاتهام بمحكمة الاستئناف بتونس تسليم القليب هو تدخل في استقلالية المرفق القضائي الذي رضخ للارادة السياسة، خاصة أن نفس الدائرة رفضت في وقت سابق مطلب الافراج المقدم في حقّه.
ويذكر أن وحدات الأمن تولت في 17 ماي المنقضي ايقاف المظنون فيه بمطار تونس قرطاج، تنفيذا لبطاقة الجلب الدولية الصادرة في حقه للاشتباه في تورطه في أعمال ارهابية، تمت اثرها احالته على المحكمة الابتدائية بتونس.
أخبار الجمهورية سلطت الضوء على تداعيات هذا القرار، وكان لها اتصال بمجموعة من السياسيين والمحللين ليدلي كل واحد منهم بدلوه في هذا الموضوع .

قرار صائب ولكن...

أكد الدبلوماسي التونسي السابق والمحلل السياسي عبد الله العبيدي أن اطلاق سراح القيادي في فجر ليبيا  وليد القليب مقابل إطلاق سراح 7 من الدبلوماسيين التونسيين بطرابلس، مسألة لا تتعلق بوزارة الخارجية والطيب البكوش، مضيفا أنه عندما يتعلق الأمر بشان أمني أو عسكري يعود القرار الى الحكومة ومجلس الوزراء وتكون المسؤولية مشتركة .
وأفادنا أن الحكومة تسرعت في انهاء الاجراءات وهو أمر غير معهود، موضحا أن هذا التسرع يعود إلى كون بلادنا حديثة العهد بالديمقراطية ولا تمتلك جهاز مخابرات .
وأشار الى أن القرار المذكور آنفا هو عبارة عن اصلاح خطأ قديم، والمتمثل في ارسال الدبلوماسيين الى بلاد غير قائمة الذات، وتعاني من غياب تام للقوانين، وبالتالي أصابت الحكومة التونسية في الدخول في عملية المقايضة لأن من واجبها انقاذ ابنائها، موضحا من جهة أخرى أن اطلاق سراح وليد القليب بهذه السرعة هو دليل أنه لا يمتلك أي وزن ولا يشكل خطورة على تونس ولو كان كذلك لتم الابقاء عليه في السجن، مبيّنا أن اطلاق سراحه أخف وطأة من قتل الديبلوماسيين .
وختم محدثنا كلامه بالتأكيد على أن قرار تسليم وليد القليب هو قرار وجيه، مع وجود سوء تقدير، موضحا أن الحكومة مطالبة باستخلاص العبرة من هذه الحادثة

تطويع القضاء لتبرير قرار سياسي

من جهته تساءل أستاذ القانون الدستوري والمحلل قيس سعيد عن المبررات التي كانت وراء إيقاف وليد القليب والابقاء عليه كل هذه المدة في السجن، مبينا أنه من الغريب جدا أن تلقي السلطات الرسمية القبض عليه ثم تقول انه لم يرتكب أي فعل في تونس يجرّمه وفق القانون، واستغرب سعيد من هذا التناقض في المواقف والقرارات.
من جهة أخرى أكد سعيد أنه عندما يتم تسليم القليّب اثر قرار من الدوائر القضائية المختصة فالرسالة الأولى التي يمكن أن تصل الى التونسيين هي أن القضاء يطوع لتبرير القرار السياسي.
وذكر قيس سعيد أن بلادنا صارت بعد اتخاذ هذا القرار في موضع ضعف ويستهان بها وبمواطنيها في أي مكان، مبينا أن هذه المواقف تزيدها ضعفا على ضعف وتتفاقم عبرها الاستهانة بالتونسي.
وأكد محدثنا أن بعض الدول تلجأ عادة الى التفاوض مع المختطفين على غرار ما حصل بين ايران وفرنسا التي رفضت اعادة الأموال التي قبضتها من الشاه لبناء مفاعل نووي اثر الثورة الايرانية، فتم اختطاف عدد من الفرنسيين في لبنان وتمت اعادة الأموال بعد سنوات وكلما يعاد جزء يتم تسريح رهينة.. أو كما حصل مع الفرنسيين في الجزائر عندما التجأت فرنسا الى دفع أموال في السرّ من أجل اعادة عدد من المختطفين، مضيفا أن تونس كانت مطالبة بالحفاظ على هامش من الحرية في تحرّكها لا أن تتصرف بطريقة لا تزيد سوى في ضعف الدولة على الصعيد الداخلي والخارجي.

حكومة عاجزة عن تقدير عواقب قراراتها  

أما القيادي بحزب المؤتمر من أجل الجمهورية الأستاذ سمير بن عمر فأكد أن الحكومة ارتكبت خطأ كبيرا وتمثل في ايقاف وليد القليب باعتبار أن عملية الايقاف حشرت تونس في صراع داخل القطر الليبي لا يعنيها، مبينا أن تونس غير معنية بهذا الصراع وكان من المفروض ألا تناصر أي طرف على حساب الآخر وأن تحافظ على الحياد بين المتصارعين .
وأضاف بن عمر أن الخطوة التي التجأت اليها تونس كانت خطيرة ولا يمكن أن تبقى دون ردود أفعال من الجانب الليبي وهو ما حصل باختطاف الدبلوماسيين واقتحام القنصلية، ومن جهتها اعتمدت الحكومة التونسية سياسة الترقيع فعادت الى الوراء وهذا طبيعي لانقاذ حياة أبناء تونس .
وذكر سمير بن عمر أن هذه الحكومة عاجزة عن تقدير عواقب قراراتها ومن الطبيعي أن تصل الى هذا الوضع المحرج.
من جهة أخرى وفي ما يتعلق باطلاق سرّا وليد القليب، فذكر سمير بن عمر أن طريقة الافراج عنه هو تدخل خطير في السلطة القضائية مشيرا الى أن المسار العادي للقضايا لا يتم بهذا الشكل، وأفادنا أن ما حصل هو دليل على كون السلطة التنفيذية تتحكم في نظيرتها القضائية، وطالب بن عمر بضرورة التصدي والتنديد بهذه الممارسات التي تعيدنا الى ممارسات النظام السابق .

سقطة كبيرة للدبلوماسية التونسية  

أما الاعلامي والمحلل سفيان بن فرحات فأكد أن ما حصل مؤخرا هو عبارة عن سقطة كبيرة للدبلوماسية التونسية واهانة لها، مبينا أن تسليم وليد القليب وعملية المساومة هي ضرب لأبسط القواعد والتقاليد الدبلوماسية .
ولئن عبر بن فرحات عن سعادته بعودة الديبلوماسين الى أرض الوطن فانه أكد أن الحكومة كانت مطالبة بعدم الرضوخ والخضوع لأي تهديد ارهابي تحت أي ذريعة .
وأكد بن فرحات أنه كان بامكان تونس الاعتماد على وسائل ضغط متنوعة لاسترجاع سيادتها المهضومة وأولادها دون الخضوع الى الابتزاز أولها غلق الحدود لأن تونس هي الوحيدة التي تغلق حدودها في وجه ليبيا وبعث فيزا عبور في الحالات الاستثنائية والانسانية، وأيضا فتح بحث قضائي بتهمة الخطف والتعذيب والتنكيل أو الالتجاء الى القانون الدولي، موضحا أن الطيب البكوش برهن على بدائيته وسذاجته في التعامل مع مثل هذه الملفات .
وأفادنا محدثنا أن التسرع في تسليم وليد القليب زجّ بالقضاء التونسي في عديد المشاكل، مؤكدا أنه وفي أحلك فترات الانظمة السابقة، برهنت الديبلوماسية التونسية على رصانة في التعامل مع هذه القضايا.
وذكر سفيان بن فرحات ان عملية تسليم وليد القليب لا تقل خطورة عن عملية تسليم البغدادي المحمودي .
وختم محدثنا بالقول إنّ التعامل مع الملف الليبي يبرهن على وجود تواطؤ وتمشّ جبان من بعض الأطراف التي تسعى جاهدة الى اخفاء بعض الحقائق والمعلومات، وأشار الى أن كل هذا الصمت والغموض يبعث على الريبة والشك وقال: «عموما ما حصل هو أكبر دليل على أن تونس أصبحت في الدرك الأسفل في التعامل الديبلوماسي»..

تونس اصبحت رهينة لمجريات الاحداث في ليبيا

من جهته بين المحلل السياسي عبد اللطيف الحناشي أن ما حصل هو دليل على أن مشاكل تونس مرتبطة ارتباطا وثيقا بما يجري في ليبيا، وأن تونس أصبحت رهينة لليبيا ولما يحصل بها حيث باتت أحداثها تنعكس على تونس .
وبين عبد اللطف الحناشي أن اكثر من مليون ونصف ليبي يعيشون بيننا في كنف الاحترام وفي بحبوحة العيش في المقابل نجد أن التونسيين بجميع اصنافهم يتعرضون الى تهديدات شتى في ليبيا .
اما بخصوص حادثة تسليم وليد القليب فذكر محدثنا أنّ ما حصل هو تعدّ واضح على السيادة والدولة التونسية، مبينا أنه تم اختراق كل المعايير والمكاسب بعد الثورة خاصة المتعلقة بسيادة تونس وحرمتها، مضيفا ان هشاشة الديبلوماسية التونسية لم تبدأ مع عهد الطيب البكوش وانما منذ 14جانفي 2011، معللا ذلك بكون تونس كانت طرفا في كل ما حدث في ليبيا .
وأوضح الحناشي أن وزارة الخارجية كانت مطالبة بالبحث عن وسائل وطرق أخرى وألا ترضخ لطلبات المجموعات الارهابية، و تستسلم لها لان ما حصل عار على الديبلوماسية والسيادة التونسية على حد تعبيره.
وختم محدثنا كلامه بالتأكيد على أن تونس باتت رهينة لمجريات الاحداث في ليبيا وذلك نتيجة تخبط السياسية التونسية وضعف الدولة مشيرا الى أننا بعنا ضمائرنا ووطنيتنا اثر تسليم البغداد المحمودي واليوم نؤكد من جديد اننا نقبل الابتزاز .

مرصد استقلال القضاء: تسليم «وليد القليب» قرار سياسي

أما المرصد التونسي لاستقلال القضاء، فاعتبر في بيان له أن الظروف الني حفت بتعهد محكمة الاستئناف بتونس بقضية المواطن الليبي وليد القليب وقرارها تسليمه مؤقتا - في غياب توفّر الشروط القانونية للتسليم - تشير الى خضوع المحكمة إلى الضغوط السياسية المرتبطة بالإفراج عن الديبلوماسيين التونسيين المختطفين في ليبيا وأن من شأن ذلك إعادة الممارسات السابقة  للسلطة التنفيذية تجاه القضاء وفق البيان .
واعتبر المرصد أن الإجراءات القضائية المتعلقة بتسليم المواطن الليبي وليد القليب لم تكن إلاّ تسويغا للمفاوضات السياسية التي أجرتها الحكومة التونسية مع أطراف ليبية وانّ المسار الطبيعي كان يقتضي محاكمة المتهم المذكور في تونس وتنفيذ العقوبة المحكوم بها عند الاقتضاء استنادا الى الأبحاث التحقيقية التي سبق إجراؤها.
ونفى المرصد ما تردد على لسان بعض أعضاء الحكومة من أن قرار التسليم قد تمّ في إطار ما يقتضيه القانون وأنّ الإجراءات المتعلقة بذلك قد اكتست طبيعة قضائية، داعيا الحكومة التونسية إلى احترام استقلال القضاء الوطني مراعاة لما تقتضيه أحكام الدستور وإلى التحقيق في الملابسات المرتبطة بتسليم المواطن الليبي وليد القليب واحتمالات خضوع المحكمة إلى تأثيرات سياسية.
وأفاد المرصد أنّ الأبحاث التحقيقية التي شملت المدعو وليد القليب تمّ ختمها بتاريخ 16 جوان 2015 حسب القرار الصادر عن قاضي التحقيق بالمكتب العاشر بالمحكمة الابتدائية بتونس الذي تضمّن توفّر القرائن على ارتكابه جريمة الانضمام الى تنظيم ارهابي طبق الفصل 13 من القانون عدد 75 لسنة 2003 المؤرخ في 10 ديسمبر 2003 المتعلق بمكافحة الارهاب.
وأضاف المرصد أن الأبحاث أثبتت وجود قرائن على ارتكاب المتهم المذكور عددا من جرائم الحق العام وهي اختطاف شخص باستعمال السلاح وحجز شخص دون إذن قانوني وتكوين عصابة بقصد التحضير وارتكاب اعتداء على أشخاص.
 وأضاف البيان أنه سبق لقاضي التحقيق المتعهد رفض الإفراج عن وليد القليب وأن ذلك تقرّر لدى دائرة الاتهام عدد 34 بمحكمة الاستئناف بتونس حسب قرارها الصادر في 11 جوان 2015 وأنه بلغ أيضا إلى علم المرصد أنّ دائرة الاتهام عدد 34 بمحكمة الاستئناف بتونس قد التأمت ليلا وفي ظروف استثنائية بتاريخ 17 جوان 2015 وتعهدت بملف القضية المذكورة وصدر القرار في نفس اليوم بتسليم المتهم وليد القليب بصفة مؤقتة للسلطات الليبية دون مواصلة محاكمته بتونس.
وأكد مرصد استقلال القضاء أن قرار التسليم الصادر عن دائرة الاتهام عدد 34 بمحكمة الاستئناف بتونس ـ والتي سبق لها قبل مدة قصيرة رفض مطلب الافراج عن نفس المتهم ـ قد استند إلى طلب صادر عن جهات ليبية وإلى مقتضيات الفصل 23 من اتفاقية الإعلانات والإنابات القضائية وتنفيذ الأحكام وتسليم المجرمين المبرمة بطرابلس بين حكومة الجمهورية التونسية وحكومة المملكة الليبية المتحدّة